كانت القصص التى
ترويها كل ليلة تمثل ركن من اركان بناء خياله الخصب الذى كان يسع للكثير من قصص
وروايات وافكار وتفكير فى هذا العالم البعيد .
وكانت الجوانب
الاخرى من حياته لا تقل تأثيرا عن جانب الحكايات والروايات فجميعها كانت على شاكلة
الحكايات ......... " ايام عصيبة " ,
تجمع بين جوانبها صعوبة وشظف العيش وقسوة البيئة وقبليتها والعند الموروث
عند الاجيال وسلطة المال ,
كان مطيعا سامعا
لكلمات ابويه وحبهم له وحبهم في ان يكون انسان افضل في المستقبل وقد كان الدرب
الوحيد للخروج مما هو فيه " التعليم "
فكانت كلمات والده بالرغم من قسوتها تهز اركانه :
احنا لا حيلتنا زرعه ولا قلعه .. ما حيلتناش غير الشهادة .
واحيانا كثيرة ما كان يوبخه
والدة عندما كان لا يستطيع حمل شئ ثقيل وهو يساعده في العمل قائلا :
ما بتاكلش ادها دى , انت تروح
تشوفلك تربه تندفن فيها قبل ما الترب تخلص
او يسمع على افضل الاحوال جملة :
انت تشوفلك تعليم تتعلمه او
شهادة تاخدها , انت ما تنفعش في شغلانتنا دى .
وكثيرا ما كان يرى نظرات التهكم
من عمله وهو صغير أومن ملبسه البالى في العمل فى عيون اقرانه او ممن يعمل عندهم , ولكن بالرغم من ذلك
لا يزيده الا اصرار على استكمال طريقه.
وما بين صعوبة وشظف العيش في
بيئة مليئة بالتناقضات وفقر في مواجهة متطلبات الحياة كانت حياته.
وقد كان ما يزيد من صعوبة الامر عليه حسه المرهف
وتعامله مع كافة الامور بمشاعره واعصابه مما يجعله يدمع بمجرد الاحساس بالإهانة او
التهكم واحيانا ما يبكى بدموع تنهمر من قلبه الى خديه مباشرة لعدم احساس احد بما هو
فيه من حزن وكمد .
وعلى الجانب الاخر تجد من هم في
مثل سنه يتنعمون بما لآبائهم من اموال , فتارة يسمع من احد رفقائه :
ابويا جابلى عجله جديده
واخر :
وانا ابويا جابلى كوره كفر تئيله
وهو ما بين هذا وذاك حائر ,
وأولا واخيرا طفل , يرغب في ان يلهو
ويلعب مثل باقى اقرانه فتارة يسأل هذا ان يعطيه لفه بالدراجة الجديدة أو ان يلعب
مع الاخر بالكره الجديدة .
وقد كانت البيئة من حوله تحمل
نفس التناقضات , فالعصبيه القبليه تسيطر على البلد .
فهذا من عائلة فلان
وذاك من عائلة علان ,
اما هؤلاء : جعجعه ع الفاضى
وهؤلاء :
.... الخدامين .
ولكن دائما ما تظهر النجوم وسط
الليالى المظلمه فقد كان بعض من شباب القريه ومن يكبروه ينظرون الى قريتهم وما بها
من تمييز ضد من هم مثله نظرة انصاف ومحاولة منهم لتحسين قدراته الماديه والنفسيه
حتى يصنعوا منه شخص اخر وكان من بين هؤلاء شاب يدعى احمد الماحى .
كان احمد الماحى مدرسً بالأجر في
احد المدارس الابتدائيه الموجودة بقريه مجاورة لقريته وقد كان انسان يمتلك الكثير
من التدين الصحيح والعمل الدؤوب الذى لا يكل ولا يمل منه فتارة تجده في زيارة
لمريض واخرى في درس دين بأحد المساجد وثالثه في مساعدة محتاج او مسكين وغيرها ,
وقد رأى احمد فيه الطفل الموهوب , فبالرغم من حالته الماديه الا ان قدراته العقليه
والذهنيه رائعه فهو الاول على مدرسته كل عام بالرغم من صعوبة الحياة وقد كان احمد يعطيه من اهتمامه الكثير فتارة
يدعمه بالمال للذهاب الى رحلات علميه وترفيهيه واخرى يدعمه بالحافز المعنوى لكونه
الاول على مدرسته وكان الباعث الوحيد للماحى في كل هذا هو تدينه وحبه لبلده ولمن
هم على شاكلة صاحبنا .
وقد كان هو الاخر يكن للماحى كل
الحب والاحترام والتقدير ويجد فيه يد العون على ما يجابهه من متاعب في هذه الحياه
.