الاثنين، 14 يناير 2013

BLACK






قليلة هي تلك الافلام التي نشاهدها فتجلس من بداية الفيلم وحتى نهايته لا تشعر بما حولك , فقد اخذك الممثلون الى افق اخر . افق ملئ بالفكر والابداع مغلف بفكرة تصل الى ذهنك لتخاطبه بحكم ومواعظ بالغة الاهمية , نعم واكثر من ذلك يا من تتعجب الان مما اقول . فلو شاهدت فيلم بلاك او الظلام لأميتاب باتشان  و راني ستعرف عما اتحدث , اتحدث هنا ليس فقط عن الاداء الراقي والمذهل لمجموعة الممثلين وأولهم الطفلة عائشة والتي جسدت حياة البطلة في طفولتها مرورا بأميتاب باتشان واداؤه الرائع وحتى راني .  هذا الاداء الذى جعلني لا اركز في اسماء الابطال ولكن ذهني منصب على الفكرة والتجربة وما تخرجه لنا من حكم ومواعظ بالغة الأهمية .

وببساطه حتى لا اشوق من لم يشاهد هذا الفيلم سأقطف من بستانه الحكم التي وصلت الى رأسي  . فالقصة تتحدث عن طفلة ولدت لأبوين وبعد تعرضها لحادثه وهى رضيعه اصبحت لا ترى ولا تسمع , هى فقط تحس وتشعر بما حولها ولها باقي الحواس من تذوق وشم الروائح وتمر الايام لتصبح طفلة في عمر الزهور لا تدرك ماذا تفعل فهي على سبيل المثال تأكل كالحيوانات فوالداها اصبحا عاجزان عن تعليمها أي شيء حتى تم استدعاء معلم من جانبهم يجيد التعامل مع مثل هذه الحالات , ويبدأ المشوار الذى لن تتوانى للحظه ان تخرج من كل موقف فيه بحكمة بالغة , فها هو يواجه صعوبة شديدة في تعريفها بالأشياء ومعانيها واسمائها عن طريق احساسها بيديها ليخرج الينا بهذه الجملة " ان يداها هما عيناها اللتان سيضيئان لها الطريق " ويبدأ في معاملتها على انها انسان له كيان يحترم وليس حيوان يربط حول رقبته جرس ليعلم من في البيت الى أي وجهة تتجه. ولكن تفشل المحاولة تلو الاخرى لتطلب منه الام ان يتوقف عند هذا الحد    
لتجد هذه الكلمات على لسان اميتاب تحلق في سمائي وعلى الشاشة من امام عيني " الظلام الممتد من الممكن ان يضاء بشمعة صغيرة لو نجحت في اشعالها وقد تشتعل في أي لحظه المهم ان لا تفقد الامل "
وتبدأ تجربة النجاح ليصنع منها كائن مختلف يرى الاشياء ويحس بطعم الحياه بيديه  , يرى المياه والازهار وينطقها ويحس بزخات المطر وقطع الثلوج المتساقطة ويسمع الأغاني ويترجمها الى لغة اشارة , كل هذا طبعا ليس بسهوله ولكنه بعد مجهود مضنى من المعلم . حتى يصل بها الى مرحلة التقدم الى احدى الجامعات لنيل شهادة عالية وتخضع لاختبار وتنجح فيه وتلتحق بالجامعة لتفشل في السنوات الاولى من الدراسة بسبب بطئها في الكتابة بطريقة برايل , ولكنها تنجح بعد معاناه وتأنيب من معلمها ليحتفلا سويا بالنجاح على طريقتهم بأكل الايس كريم في وقت سقوط الثلوج ويخرج الينا اميتاب مرة اخرى بحكمة بالغة التأثير " الحياة كالأيس كريم استمتع به قبل ان يذوب "  .
حتى يأخذنا الفيلم الى منعطف من المشاعر والاحاسيس التي تبدأ فيه البطلة بالإحساس بنفسها كأنثى ترغب في ان تجرب مشاعر الانثى لتطلب من معلمها ان يقبلها على شفتاها , ليخرج اميتاب علينا مرة اخرى بهذه الجملة  "حتى ارضى غرورك كأنثى سأفقد احترامي لنفسي كمعلم "
ويصاب معلمنا بمرض الزهايمر ويبدأ فى الابتعاد بعد العديد من المواقف التى يشعر معها انه اصبح عجوز لا يصلح ولم يعد يتذكر . ولكنها تبدأ فى رحلة البحث عنه حتى تجده وهو لا يتذكر اى شئ حتى معانى الكلمات لتبدأ هى معه نفس الرحلة التى بدأها معها فما يكون من الاطباء غير ابلاغها انه من المستحيل ان يتذكر شيئا فقد قضى الزهايمر على ذاكرته , فما تجد من والدتها الا ان ترد على الاطباء بقولها ان المستحيل كلمه لم يضعها المعلم فى قاموس طفلتها .
واخيرا  اختم  بمقولة   إن العمى ليس بشيء وإن الصمم ليس بشيء، فكلنا في حقيقة الأمر عمي وصم عن الجلائل الخالدة في هذا الكون العظيم ” ( سبحان الله )

اجد الان منكم من يقول بابتسامه J ( فيلم هندي ) ولكن احب ان اقول للجميع انها قصة حقيقية لامرأة حقيقيه تدعى -
هيلين كيلر -  وقد كانت المقولة الاخيرة لها .

تحياتي لمبدعى الفيلم ثم تحياتى لقوة الارادة المتمثله فى هيلين كيلر . 

هذه التدوينه اهداء الى من تحب هذا الفيلم بشده الى محبوبتي بشده  ( زوجتي الحبيبة )


هناك 18 تعليقًا:

  1. السلام عليكم
    و انا بدوري اخي محمد لم أقرأ عن فيلم يوما اتتم القراءة بشغف قبل اليوم...
    لقد وفقت ايما توفيق في أيصال مضمون الفيلم إلينا
    و الأهم فكرة قصة هيلن كيلر : أن العظماء لم يكونوا يالضرورة أطفال نجباء وتوفرت لهم كل الظروف المناسبة
    تحياتي

    ردحذف
    الردود
    1. اشكرك اخونا الكريم
      حقا لقد كانت هيلين كيلر معجزه بكافة المقاييس وهى حقا مثال رائع على كيفية التعامل والتغلب على مصاعب الحياة
      تحياتى

      حذف
  2. صدقا إنك قربتنا من هذا الفيم الذي لم أشاهده بعد، لكن أكيد أنك شوقتني إلى مشاهدته.
    أما استنتاجاتك فهي رائعة وجيدة جدا.
    مودتي

    ردحذف
    الردود
    1. اشكرك اخى رشيد واتمنى فعلا ان يشاهد الجميع الفيلم ليقفن على ما فيه من دروس وعبر

      تحياتى ابوحسام

      حذف
  3. بجد انا مش عارف اقولك اية على الموضوع دة .
    وطبعا مش عايز اقولك الفيلم . لان الفيلم عبارة عن موضوع .
    وموضوعك ما هو الا رؤيتك للفيلم .
    المهم اني فعلا اتفرجت على الفيلم دة . وكان بالفعل شيء خرافي . بسيط جدا وجامد جدا جدا . اسلوب اميتاب في التعليم . وازاي انه قدر بطريقة او بأخرى انه يخليها توصل للنور في قلبها . توصل للنجاح . والنور الخارجي حتى ازاي قدرت انها تلمسة .
    كمان موضوع الاهل وانهم قد اية كانوا برضة بيعانوا . فاقدين الأمل في بكرة . والأب اللي كان خلاص في طريقة للوصول لجمود القلب . والام المثابرة الصابرة اللي عندها أمل في بكره وأمل في بنتها فلذة كبدها .
    المشكلة كمان بتعدي موضوع العمى . وانها قدرت تتغلب على المشكلة دي . بتدور الاحداث ويبينلك ان المشاعر كمان اتطورت زي ما هيا كمان اتطورت واحساسها اتطور . سنها كبر . حسب بالحب اللي عمرها ما حستة ولا شفته . ودة كان نهاية غيرمتوقعة لما راحت لاستاذها وملعمها واباها الروحي . لتقبله وحينها . فقدته . مش بيقف الفيلم عند هنا وخلاص . بيدور الفيلم ويوصل اميتاب انه هوا يفقد بصره في مستشفى ماشي مش شايف . مش ممكن ازاي انت اللي كان عندك البصر وما بتسدخموش وبتشوف من غيره . ما هو انا نسيت اقول انه اساسا كان في حياتة العادية بيحاول انه يتعايش كدا . تقوم توصل انكما تشوفش . تروح هيا التلميذة وانها تحاول تبدأ معاه زي ما هوا كان بيعمل معاها .

    الخلاصة الفيلم رائع رائع رائع جدا . يستحق المشاهدة مرة واتنين وتلاتة .
    رجعتني افتره تاني . وشلي دة هدخل اتفرج عليه كمان تاني .

    تحياتي ليك . تقبل تشكراتي وتقديري واحترامي .

    ردحذف
    الردود
    1. اولا احب ان اشكرك وارحب بك هنا عبر بابى المتواضع الذى استنار بوجودك ولكم يسعدنى ويشرفنى كثيرا زيارة اصدقاء جدد الى بيتى واتمنى ان تدوم .
      اما الفيلم فبالطبع لو تركت نفسى للتعليق على كافة جوانبه ودروسه فلن تكفينى تدوينة صغيرة ولكنك حقا قد اشرت الى الكثير من النقاط المهمه بالفعل داخل الفيلم .
      تحياتى ومودتى واحترامى

      حذف
  4. يااااااه ...اديش صار لي ما شفت فيلم هندي !!!
    انا كنت زمان مغرمه جدا بالافلام الهنديه وخصوصا افلام اميتاب بتشان لدرجة انه واحده صاحبتي ايام المدرسه "كانت تشاركني هذا الهوس" كتبت لي مره على دفتر ذكرياتي :عندما يفرقنا الزمان ,تذكريني كلما غنى أميتاب بتشان" ههههههههههههههههههههههه
    ولا زال الممثل من المفضلين لدي وشجعتني اشوف الفيلم قريباً .

    و فعلاً الحياة كالايسكريم ...استمتع بها قبل ان تذوب :)

    تحياتي لزوجتك الكريمه :) انا متأكده انها بتقعد تعيّط من اول الفيلم لاخره :( زي حالاتي تماماً لما بشوف فيلم انساني كهذا .

    ردحذف
    الردود
    1. هههههههههههه
      دائما ما تأتين بالسرور الى قلوبنا نيسان
      انصحك فعلا بمشاهدة الفيلم فهو يختلف عن باقى افلام الحركه لاميتاب
      اما زوجتى فهذا ما يحدث بالفعل
      تحياتى

      حذف
  5. الفيلم فعلا رائع جدا ومن أفضل الأفلام في تاريخ السينما الهندية

    بحييك على إختيارك وطريقة عرضك

    بالتوفيق دايما

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا ليك ياضياء ولوجودك اللى دايما منورنى
      تحياتى وتقديرى

      حذف
  6. شوفتنى اشوف الفيلم
    حاسة ان فية طاقة ايجابية حلوة اوى

    ردحذف
    الردود
    1. بالفعل الفيلم ملئ بالطاقه الايجابيه والدروس يا دينا
      تحياتى

      حذف
  7. لست من عشاق الافلام الهندية ولكن ماكتبه جعلني اتشوق لمشاهدته ..

    شكرا لك

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا افراح واتمنى ان يعجبك الفيلم حقا
      تحياتى

      حذف
  8. السلام عليكم
    بداية، إزيك يا محمد. أتمنى أن تكون وكل الأحبة بأتم خير وصحة وسلامة.
    رجعت في أجازة من يومين وأظن امامي يومان وأسافر!
    وكان لابد لي أن أقلب مدونتك رأسا على عقب لأقرأ كل مانشرته في غيابي، وفي أول دخولي عثرت على هذه التدوينة الرائعة جدا.
    صراحة لم أشاهد الفيلم ولكنك شوقتني جدا جدا لمشاهدته. لكني أعرف هيلين كيلر وقرأت قصة حياتها كما كتبتها بنفسها في كتابها فصة حياتي العجيبة. ربما الحديث عن هذه السيدة العظيمة وشبيهاتها يشعرنا بمدى صغرنا وضعفنا نحن مالا ينقصنا من حواسنا شئ إذا ماقورنا بمدى عظمتهم وقوة إرادتهم وعزيمتهم وتحديهم للحياة حتى أنهم أجبروها أن تنطاع وتنصاع لهم.
    وكذلك لا ننسى أستاذها ومن يشبهونه في الحياة. من وهبوا حياتهم من أجل غيرهم. من أجل أن يعلموا البشرية أن الإنسان بالدعم النابع من قلب مليئ بالحب والخير قادر أن يجعل من المعجزات والمستحيل شئ عادي.
    ..
    ضاعت مني الكلمات ياصديقي. وأظنني ليس أمامي سوى أن أختم التعليق!
    أتمنى أقدر أقرأ كل تدويناتك اللي فاتتني. وأتمنى لك دوما كل الخير والسعادة والنجاح.
    كل ودي ومحبتي يا صديقي.

    ردحذف
    الردود
    1. صديقى الغالى والعزيز
      طبعا يأتى تعليقى هذا وانت قد عدت الى عملك مرة اخرى ولكنها كلمات فى رحب الفضاء الشاسع والعالم الافتراضى احب ان اقولها حتى تبقى شاهدة على كل احترامى وتقديرى ومعزتى لمن هم مثلك يا احمد
      وبالطبع انه لوسام شرف منك ان تأتى لأيام فاكون واحد ممن تهتم لقراءة ما يكتبون

      اما بلاك او الظلام فهو فيلم رائع حقا واما هيلين كيلر فأحاول جاهدا ان اقرأ كتابها ولكنها الحياة التى تتجازبنى قاطعة على نفسها عهدا الا تعطينى الفرصة للقراءة

      تحياتى لوجودك يا احمد
      دمت بكل الخير والود والمحبه

      حذف
  9. ا/ محمد جمال انا مش عارفة اقولك ايه علي اسلوب الجميل و الراقي و روعة الكلمات لا يمكن ان تتخيل كيف اخذتني تلك الكلمات من ضغوط الحياة و المجتمع المزيف الي جو من الرحمة بس يا تري في الحقيقة في ناس ممكن تكون تستاهل هذا المجهود ولا تحول كل شيئ في هذه الدنيا إلي مبدا هات و خد؟

    ردحذف
  10. اولا كم انا مدين بالشكر لهذه المدونة التى تبعث الى كل يوم بضيف جديد اعتبره حلقة فى عقد من دهب -- فأهلا وسهلا بك هنا عبر بابى المتواضع
    وثانيا : بالطبع هناك من يستحقون ولكن هناك ايضا من لا يستحقون ولكن من وجهة نظر الذى يقوم بالعطاء قد يكون الامر مختلفا فلو نظرت الى بطل الفيلم وهو المعلم فقد كان الهدف من وراء عطاءة ليس كون الطفلة تستحق او لا تستحق ولكنه ادى دوره طبقا وما تمليه عليه روحه وفطرته فقد كان غرضه فى النهاية هو اضاءة طريق مظلم دون النظر لمردود ذلك عليه من وراء من يساعده وحينها يكون قد حقق هدفه و ذاته .

    تحياتى لوجودك الرائع

    ردحذف

كلمات من نور تخرج من احباب كالزهور