قليلة هي تلك الافلام التي نشاهدها فتجلس من بداية الفيلم وحتى نهايته لا تشعر بما حولك , فقد اخذك الممثلون الى افق اخر . افق ملئ بالفكر والابداع مغلف بفكرة تصل الى ذهنك لتخاطبه بحكم ومواعظ بالغة الاهمية , نعم واكثر من ذلك يا من تتعجب الان مما اقول . فلو شاهدت فيلم بلاك او الظلام لأميتاب باتشان و راني ستعرف عما اتحدث , اتحدث هنا ليس فقط عن الاداء الراقي والمذهل لمجموعة الممثلين وأولهم الطفلة عائشة والتي جسدت حياة البطلة في طفولتها مرورا بأميتاب باتشان واداؤه الرائع وحتى راني . هذا الاداء الذى جعلني لا اركز في اسماء الابطال ولكن ذهني منصب على الفكرة والتجربة وما تخرجه لنا من حكم ومواعظ بالغة الأهمية .
وببساطه حتى لا اشوق من لم يشاهد هذا الفيلم سأقطف من بستانه الحكم التي وصلت الى رأسي . فالقصة تتحدث عن طفلة ولدت لأبوين وبعد تعرضها لحادثه وهى رضيعه اصبحت لا ترى ولا تسمع , هى فقط تحس وتشعر بما حولها ولها باقي الحواس من تذوق وشم الروائح وتمر الايام لتصبح طفلة في عمر الزهور لا تدرك ماذا تفعل فهي على سبيل المثال تأكل كالحيوانات فوالداها اصبحا عاجزان عن تعليمها أي شيء حتى تم استدعاء معلم من جانبهم يجيد التعامل مع مثل هذه الحالات , ويبدأ المشوار الذى لن تتوانى للحظه ان تخرج من كل موقف فيه بحكمة بالغة , فها هو يواجه صعوبة شديدة في تعريفها بالأشياء ومعانيها واسمائها عن طريق احساسها بيديها ليخرج الينا بهذه الجملة " ان يداها هما عيناها اللتان سيضيئان لها الطريق " ويبدأ في معاملتها على انها انسان له كيان يحترم وليس حيوان يربط حول رقبته جرس ليعلم من في البيت الى أي وجهة تتجه. ولكن تفشل المحاولة تلو الاخرى لتطلب منه الام ان يتوقف عند هذا الحد
لتجد هذه الكلمات على لسان اميتاب تحلق في سمائي وعلى الشاشة من امام عيني " الظلام الممتد من الممكن ان يضاء بشمعة صغيرة لو نجحت في اشعالها وقد تشتعل في أي لحظه المهم ان لا تفقد الامل "
وتبدأ تجربة النجاح ليصنع منها كائن مختلف يرى الاشياء ويحس بطعم الحياه بيديه , يرى المياه والازهار وينطقها ويحس بزخات المطر وقطع الثلوج المتساقطة ويسمع الأغاني ويترجمها الى لغة اشارة , كل هذا طبعا ليس بسهوله ولكنه بعد مجهود مضنى من المعلم . حتى يصل بها الى مرحلة التقدم الى احدى الجامعات لنيل شهادة عالية وتخضع لاختبار وتنجح فيه وتلتحق بالجامعة لتفشل في السنوات الاولى من الدراسة بسبب بطئها في الكتابة بطريقة برايل , ولكنها تنجح بعد معاناه وتأنيب من معلمها ليحتفلا سويا بالنجاح على طريقتهم بأكل الايس كريم في وقت سقوط الثلوج ويخرج الينا اميتاب مرة اخرى بحكمة بالغة التأثير " الحياة كالأيس كريم استمتع به قبل ان يذوب " .
حتى يأخذنا الفيلم الى منعطف من المشاعر والاحاسيس التي تبدأ فيه البطلة بالإحساس بنفسها كأنثى ترغب في ان تجرب مشاعر الانثى لتطلب من معلمها ان يقبلها على شفتاها , ليخرج اميتاب علينا مرة اخرى بهذه الجملة "حتى ارضى غرورك كأنثى سأفقد احترامي لنفسي كمعلم "
ويصاب معلمنا بمرض الزهايمر ويبدأ فى الابتعاد بعد العديد من المواقف التى يشعر معها انه اصبح عجوز لا يصلح ولم يعد يتذكر . ولكنها تبدأ فى رحلة البحث عنه حتى تجده وهو لا يتذكر اى شئ حتى معانى الكلمات لتبدأ هى معه نفس الرحلة التى بدأها معها فما يكون من الاطباء غير ابلاغها انه من المستحيل ان يتذكر شيئا فقد قضى الزهايمر على ذاكرته , فما تجد من والدتها الا ان ترد على الاطباء بقولها ان المستحيل كلمه لم يضعها المعلم فى قاموس طفلتها .
واخيرا اختم بمقولة ” إن العمى ليس بشيء وإن الصمم ليس بشيء، فكلنا في حقيقة الأمر عمي وصم عن الجلائل الخالدة في هذا الكون العظيم ” ( سبحان الله )
اجد الان منكم من يقول بابتسامه J ( فيلم هندي ) ولكن احب ان اقول للجميع انها قصة حقيقية لامرأة حقيقيه تدعى -
تحياتي لمبدعى الفيلم ثم تحياتى لقوة الارادة المتمثله فى هيلين كيلر .
هذه التدوينه اهداء الى من تحب هذا الفيلم بشده الى محبوبتي بشده ( زوجتي الحبيبة )